أكثر الترجمات شيوعا في اللسانيات العربية لمصطلح implicature هي الاقتضاء، وقد استخدمه أغلب المهتمين بعلمي الدلالة والتخاطب، وهو اختيار غير موفق على الإطلاق؛ وذلك لأنه يؤدي إلى لبس مع مصطلح تراثي مشهور وهو دلالة الاقتضاء التي هي أقرب إلى الافتراض presupposition عند الغربيين. وينزع لسانيون آخرون إلى اختيار كلمة "استلزام" وهي كلمة عامة فضفاضة يحسن أن تترك كذلك للحاجة إليها في الاستخدامات غير الاصطلاحية، كأن يقال مثلا في قواعد التضمّن " نفي العام يستلزم نفي الخاص". والسؤال الآن ما الترجمة المناسبة لمصطلح implicature، والجواب –دون تردد- هو مفهوم لتطابقهما مفهوما وماصدقا؛ إذ ما يقصده الغربيون بقولهم implicature هو ما يعنيه الأصوليون بالمفهوم، فعندما يفرق علماء الدلالة والتخاطب بين what is said و what is implicated نجد أنه في المقابل يفرق الأصوليون بين المنطوق والمفهوم، وعندما يتحدثون عن المفهوم التدرّجي scalar implicature ، نرى الأصوليين يتحدثون عن "مفهوم المخالفة" (وكثيرا ما يكتفون بوصفه بالمفهوم فقط)، أو بإضافة كلمة الدلالة إليه فيقولون "دلالة المفهوم"، وللتوضيح مثلا نقول إن المشار إليه بـ (ب) في كل مثال من الأمثلة الثلاثة الآتية يطلق عليه علماء أصول الفقه وغيرهم من علماء التراث اسم المفهوم، ويستخدم له الغربيون مصطلح implicature.
1- (أ) سيعاد الامتحان للغائبين المعذورين.
(ب) لن يعاد الامتحان للغائبين غير المعذورين.
2- (أ) خمس رضعات يحرمن.
(ب) أربع رضعات لا يحرمن.
3- (أ) من يجتهد ينجح.
(ب) من لا يجتهد لا ينجح.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ردحذفماذا ترى أستاذي الكريم في كلمة "التضمين" حيث أن implicate تترجم بضمّن, ومعنى المصطلح اللساني هنا هو تضمين معنى مستفاد من الكلام أو من سياقه, وليس يجب أن يكون المعنى الأول المراد ولكنه معنى مضمن في الكلام مستفاد بالضرورة أو من دونها. وبارك الله وإني من أشد المعجبين ببحوثكم.
نزار الطويلي
nizartouili@hotmail.com
أشكرك اخي نزار على مشاركتك، ويسرني أن أقول: إن هذه الكلمة صارت مصطلحا عند قرايس، ويقصد به ما يعرف في علم أصول الفقه الإسلامي بالمفهوم، وهو المعنى الذي يفهم من الكلام على نحو غير صريح، سواء وافق حكمه حكم المذكور فيسمى مفهوم موافقة أو خالفه فيسمى مفهوم المخالفة، أما المعنى الذي قصدته أنت فيعبر عنه بالإنجليزية بـ entailment وأترجمه أنا بـ "التضمن" وهو أن يدل اللفظ على جزء من مفهومه، ومن أمثلته "هذا أسد" التي تتضمن معنى "هذا حيوان"؛ لأن بعض ما يرد في تعريف الطائر أنه حيوان،ولا يمكن أن يكون أسدا، دون أن يكون حيوانا.
ردحذفوللتوسع راجع موضوعي أنواع المعنى في هذا الموقع
أشكر لك أستاذي الفاضل ردك الجميل.
ردحذفالإشكال هنا أن لفظ "المفهوم" يقتصر على تعاطي السامع للمقول, أي من جهة السامع فقط, ولا نستطيع أن ندل به على المتكلم الذي implicates لأنه هو صانع المعنى واللفظ كما هو في الفعل الإنغليزي. ماذا ترون في مصطلح "(المعنى) المستفاد" دلالة كذلك على ما يستفيده المستمع من الكلام من معان. أنا أناقشك فقط لأني مهتم بالموضوع وودت أن أكتب فيه مقالا فاحترت في الترجمة حتى وجدت موقعكم الرائع ولقد شاركت في صفحتكم على الفيسبوك. بارك الله فيكم وفي علمكم.
فكرة ما يسمى implicate ليست جديدة على تراث العربية كما ذكرت سابقة، فالأصوليون يفرقون بين المنطوق والمفهوم تماما مثلما فعل قرايس عندما فرّق بين ما ينطق what is said وما يفهم what is implicated ؛ ولذا لا أرى ضرورة للإتيان بمصطلح جديد قد يؤدي إلى لبس وخلط، أما implicates فلها معان متعددة من الناحية اللغوية، ولكنها في الاصطلاح تعني الدلالة على معنى غير صريح أي معنى لم ينطق به المتكلم بل يُفهم من كلامه، كما أنّه لا يشترط التطابق في المعنى الحرفي عند الترجمة؛ لأن لكل لغة طريقتها في تصوير العالم وتقطيعه، والأهم في ترجمة المصطلح أن تدل على ما صدق اللفظ (ITS EXTENSION) فضلا عن دلالتها على المعنى الأساسي للفظ الأجنبي.
ردحذف