من الموضوعات المفضلة
- تحميل مراجع في البلاغة والنقد والأسلوبية
- تحميل مراجع في النحو واللغة
- فهرس الموضوعات المنشورة في الموقع (index)
- إدوارد سعيد و الاستشراق و الإعلام الغربي ( فيديو )
- الدلالة الإدراكية والدلالة الإيحائية (المعنى وظلال المعنى)
- تعليق على ترجمة مصطلح لساني: (1) ترجمة pragmatics
- أنواع المعنى عند الغربيين
- الأصول الأنطولوجية و الإبستمولوجية الموجّهة لاتجاهات المدارس اللسانية في القرن العشرين
- الكفاية اللغوية والكفاية التخاطبية
- أزمة اللغة ومشكلة التخلف في بنية العقل العربي المعاصر
- الحقيقة والمجاز عند ابن تيمية
- موازنة بين الحمل عند ابن تيمية وجمهور الأصوليين
- النظرية السياقية عند ابن تيميّة
- الإحالة وأثرها في دلالة النص وتماسكه
السبت، 14 نوفمبر 2009
طبعة جديدة لكتاب Medieval Islamic Pragmatics
الأربعاء، 11 نوفمبر 2009
صدور طبعة جديدة من كتابي Medieval Islamic Pragmatics
Edited by: Clive Holes, University of Oxford, UK
The Routledge Arabic Linguistics Series Publishes high quality, academically rigorous research on Arabic linguistics to two main readerships: non-Arabist general linguists with an interest in Arabic, and students and researchers already in the field of Arabic language and linguistics. Both synchronic and diachronic studies of Arabic are welcome which aid our understanding of the historical evolution and the present state of Arabic, whether dialectal or standard. Works written from a sociolinguistic (e.g. language variation), socio-historical (e.g. language history), sociological (e.g. language planning), or psycholinguistic (e.g. language acquisition) perspective are welcome, as are studies of Arabic stylistics, pragmatics, and discourse analysis. Descriptive dialectological works also fall within the scope of the Series, as do works which focus on the evolution of mediaeval Arabic linguistic thought.
الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009
الدلالة الإدراكية والدلالة الإيحائية (المعنى وظلال المعنى)
يقصد بالدلالة الإدراكية ما يشمل كل أنواع المعنى التي تحدثنا عنها في الفصل المخصص للحديث عن أنواع المعنى أو الدلالة. والجامع المشترك بين تلك الدلالات الذي يميزها عن الدلالة الإيحائية
1- اشتراك أفراد البيئة اللغوية عادة في فهمها.
2- إدراكها إدراك عقلي محض يتوقف على معرفة الوضع، أو الاستنباط المنطقي، أو الاستعانة بأصول التخاطب والتعاون.
3- تؤدي وظيفة الإبلاغ.
أما الدلالة الإيحائية فيقصد بها المعنى العاطفي الزائد عن المعنى الإدراكي، ومن خصائصها:
1- أنها تختلف باختلاف الأفراد.
2- أن إدراكها إدراك عاطفي.
3- أنها تؤدي وظيفة التأثير.
وبناء على ما سبق فإن الدلالة الإدراكية لكلمة ‘أم’ هي الوالدة أو ما يرادفها من المعاني، أما دلالاتها الإيحائية فتختلف باختلاف الأفراد (الحنان، العطف، العناية …إلخ). وكذا فإن الدلالة الإدراكية لكلمة ‘ليل’ هي الوقت الممتد من المغرب إلى الفجر، أما دلالاتها الإيحائية فقد تكون (السهر، القلق، الخوف، السكون …إلخ).
ويستخدم اللسانيون مصطلحات مختلفة لما أطلق عليه هنا الدلالة الإدراكية والدلالة الإيحائية، فإبراهيم أنيس مثلا يستخدم الدلالة المركزية والدلالة الهامشية، وقد ذكر أن أفراد البيئة اللغوية الواحدة يقنعون في حياتهم "بقدر مشترك من الدلالة يصل بهم إلى نوع من الفهم التقريبي الذي يكتفي به الناس في حياتهم العامة. وهذا القدر المشترك من الدلالة هو الذي يسجله اللغوي في معجمه"،[1] أما الدلالة الهامشية فعرفها بأنها "تلك الظلال التي تختلف باختلاف الأفراد وتجاربهم وأمزجتهم وتركيب أجسامهم وما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم".[2]
وقد شاع بين الغربيين استخدام مصطلحي الإحالة denotation والإيحاء connotation للدلالة الإدراكية والإيحائية. ومن تعريفاتهم للإيحاء ما يراه لاينز بأنه "المكون العاطفي أو الوجداني الزائد عن المعنى المركزي"، وإذا كان لاينز يقصر الإيحاء على الظلال العاطفية، فقد أدخل هنري لوفيغر الجوانب العقلية أيضا، حيث عرفه بأنه "أصداء العلامات الانفعالية والعقلية". ويتفق هارتمان وستورك مع لوفيغر في ذلك حيث عرفا الإيحاء بأنه المعنى "المؤسس على المشاعر والأفكار التي تلوح في عقل المتكلم (أو الكاتب) أو السامع (أو القارئ)".
وقد انصب اهتمام مارتينيه في تعريفه للإيحاء على معيار الشيوع وعدمه في التفريق بين الإحالة والإيحاء حين ذكر أن الإيحاء هو "كل ما في استعمال كلمة ما ، مما لا تشمله تجربة جميع مستعملي تلك الكلمة في تلك اللغة".
وينبغي ألا يفهم أن الدلالة الإيحائية مقتصرة على ما يحوم حول المعنى المعجمي للكلمات من إيحاءات، بل تشمل أيضا ما يترتب على الأنماط الأسلوبية والتغييرات القواعدية من ظلال أسلوبية مرتبطة بها. ومن ذلك التنغيم، والتقديم والتأخير، وأساليب التعجب، والمدح والذم، وقطع النعت للترحم أو المبالغة في المدح والذم.
كما أن بعض اللواحق والصيغ الصرفية قد تضفي على المعنى ظلالا عاطفية، ومن ذلك صيغ التصغير الدالة على التحقير أو التعظيم أو نحو ذلك، واللاحقة ‘يّة’ التي تشحن المصادر الصناعية بقوة عاطفية مؤثرة، كما في اشتراكية، وحرية، وتقدمية ورجعية.
عوامل الشحن العاطفي
لعلّ من أهم العوامل التي تلصق بالكلمة أو العبارة ظلالا عاطفية عامل الاستخدام، فتداول اللفظ بين الناس يصبغه بمشاعر مستخدميه ويكسبه رصيد انفعاليا، ومن أدلة ذلك ما اكتسبته كلمة ‘جثمان’ من ظلال ميّزته من مرادفتها كلمة ‘جسم’ بسبب تخصيصها في الاستخدامات المتأخرة لجسم الميّت، وشبيه بذلك كلمة ‘عصابة’ التي قصرها الاستخدام الحديث على الجماعة الخارجة عن القانون، مع أن استخداماتها القديمة لا تدل على ذلك، فقد وردت في شعر حسّان بن ثابت في المدح، حيث يقول:
لله در عصابة نادمتهم يوما بجلق في الزمان الأول
ومن العوامل التي تكنز اللفظ بإيحاءات انفعالية الطبيعة العاطفية للمدلولات نفسها، كما في الكلمات الدالة على القيم كالحرية والعدل والمساواة والكرامة والأنفة، وكذلك الصفات المستهجنة أو المحببة للنفس مثل حقير وسافل وبغيض، وعظيم وجميل ورائع.
ومن عوامل الشحن العاطفي أيضا طبيعة التركيب الصوتي للكلمة أو العبارة، كما في قول دريد بن الصمة يرثي أخاه:
صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه فلما علاه قال للباطل: ابعد
فالوقع الصوتي والجرس الموسيقي والنمط التركيبي لعبارة "صبا ما صبا" ألبست المعنى ثوبا من العاطفة لاءم المعنى الأساسي الذي يعبر عنه الشاعر، وأسهم من جهة أخرى في إظهار حسرته وحرقته على وفاة أخيه.
ومنها أيضا عامل الارتباط النفسي بين كلمة (أو عبارة) وأخرى، حيث يجر استخدامها ما يحوم حول الأخرى من ظلال عاطفية، وهو ما يفسر تحفّظ حفاظ القرآن من استخدام عبارات نحو "كبيرهم هذا" و"أنا خير من .." لما تستدعيانه من إيحاءات مستهجنة بسبب ما جاء في القرآن من نحو "قال بل فعله كبيرهم هذا" إشارة إلى كبير الأصنام، و"كبيرهم الذي علمهم السحر"، وما ورد على لسان الشيطان عن آدم "أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين". وشبيه ما هذا ما يقوم به مستخدمو اللغة حين يتجنبون استعمال ألفاظ معينة في بعض المواقف التخاطبية لما تجلبه من إيحاءات مستهجنة قد تكون مرتبطة بالمعاني الأخرى التي تدل عليها الكلمة أو العبارة. ومنه أيضا الارتباط الزماني والمكاني بين كلمتين تستدعي إحداهما الأخرى عادة، كما في ‘عام الفيل’ التي قد يؤدي ذكرها إلى استدعاء مولد الرسول – ص- إلى الذهن، وكما في ‘مكة’ التي قد توقظ في الذهن ذكر المدينة، وفي كلتا الحالتين فإن المشاعر المرتبطة بالكلمة المستدعاة قد تنسحب على الكلمة المستعملة.
الأربعاء، 4 نوفمبر 2009
الترادف
يمكن القول تسامحا: إنه إذا كان الاشتراك علاقة بين معنيين اتحد لفظهما، فإن الترادف علاقة بين لفظين اتحد معنياهما. ويتوقف الحكم على كلمتين بأنهما مترادفتان في معنى ما أو لا على نوع المعنى؛ إذ قد تكون الكلمتان مترادفتين في نوع ما من المعنى ومختلفتين في نوع آخر. فالصارم والهندي في قول الشاعر:
في حامل الصارم الهندي منتصرا ضع السلاح قد استغنيت بالكحل
صفتان للسيف، وهما مترادفتان في الذات (أي في الإشارة إلى السيف الذي يحمله الغلام المتحدث عنه) ومتباينتان في الصفة؛ لأن الصارم يعني القاطع أو الحاد، والهندي يعني أنه منسوب إلى الهند.
وقد عرف فخر الدين الرازي المترادفات بأنها "الألفاظ المفردة الدالة على شيء واحد باعتبار واحد"،[1] وقد أخرج بقوله "المفردة" العلاقة بين الشيء وتعريفه، لأن لكل كلمة في اللغة حدا وتعريفا، وأخرج بقوله: "باعتبار واحد" العلاقة بين مترادفين باعتبارين كالصارم والهندي. وذكر كل من الشريف الجرجاني،[2] والشوكاني[3] تعريفا مشابها.
4، 3، 1- الخلاف في وجود الترادف في اللغة
ذهب بعض اللغويين قديما وحديثا إلى إنكار وجود الترادف في اللغة، منهم ابن الأعرابي، وثعلب، وابن فارس، والمبرد، وأبو هلال العسكري، ومن الأسباب التي ذكرت لذلك أن المترادفات غير مفيدة "وواضع اللغة حكيم لا يأتي فيها بما لا يفيد"[4] وفسروا ما يرى فيه ترادفا على أنه "من لغتين متباينتين" أو أن المعنيين مختلفان، أو أنه من قبيل "تشبيه شيء بشيء".[5]
وقد أول بعض منكري الترادف ما ورد من المترادفات بالتماس فروق دقيقة بينها، كالتفريق بين الاسم والصفة كما تقدم، وبالغوا أحيانا في تكلف بعض الفروق، ومن ذلك تعسفهم في القول بأن الإنسان والبشر من المتباينات وليس من المترادفات؛ لأن "الأول موضوع له باعتبار النسيان، أو باعتبار أنه يؤنس، أو باعتبار أنه بادي البشرة".[6] ولا يخفى ما في هذا من تكلف وتمحل؛ إذ لو كانت هذه الفروق ملحوظة لراعاها متكلمو اللغة في استخدامهم للكلمتين. ومن تعسفات منكري الترادف في اصطياد فروق بين المترادفات ذهابهم إلى القول بأن جلس وقعد متباينان؛ لأن الأول يكون عن اضطجاع والثاني عن قيام، ولكن المتأمل في كلمة ‘المجلس’ الواردة في القرآن الكريم، وفي كل ما ورد من ‘جلس’ و‘قعد’ ومشتقاتهما في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ليلحظ أن ما قيل عن الفرق بين الكلمتين لا يخرج عن التكلف والمبالغة، على أنه ينبغي ألا يفهم من تعليقنا هذا نفي الترادف بين الكلمتين، بل كل ما قُصد هو نفي التفريق بينهما على النحو المذكور، أما وجود فروق معنوية ناشئة عن اختلاف توزيعهما السياقي، فهو أمر واضح من خلال النظر في الآيات التي وردت فيها مشتقات ‘قعد’ ومنها "تقعد" واقعدوا" و"القاعدين" و"مقعد".؛ إذ لا يمكن إحلال مثيلات هذه الكلمات من مقابلاتها المشتقة من ‘جلس’.
4، 3، 2- أنواع الترادف:
يبدو أن تقسيم الترادف تبعا لتقسيم المعنى مفيد منهجيا في اكتشاف أنواعه واستقصائها ومناقشتها، ولذا سنصنف المعنى إلى الأصناف الآتية:
1- الترادف الإشاري:
يقصد بالترادف الإشاري اتفاق لفظين (أو أكثر) في المشار إليه، ومنه أوصافه –صلى الله عليه وسلم- المختار والبشير ونحوهما التي تشير جميعها إلى ذاته –ص- وتختلف في معانيها الإحالية، ولذا فإذا نزعت هذه الألفاظ عن سياقيهما الثقافي والعقدي، فقد تستخدم للإشارة إلى غيره عليه السلام، لأن معناها الإحالي يسمح من الناحية اللغوية بإطلاقها على كل من تنطبق عليه معانيها، ويبقى السياق هو الذي يحدد معناها الإشاري. ويسمي بعض الأصوليين الألفاظ المترادفة إشاريا بالمترادفة في الذات.
2- الترادف الإدراكي:
المراد بالترادف الإدراكي اتفاق لفظين (أو أكثر) في معناهما الإبلاغي المحض الخالي من الإيحاءات العاطفية، أو التأثيرية. ومنه اتفاق ‘فم’ و‘ثغر، وكذلك ‘عنق’ و‘رقبة’ و‘جيد’ في المعنى الإدراكي، واختلافها في ظلالها المعنوية، والدليل على ذلك اختلاف سياقاتها كما هو بيّن في الأمثلة الآتية:
· دعا الإسلام إلى تحرير (جياد، أعناق، رقاب) العبيد.
· قصائد الغزل ملأى بوصف (جياد، أعناق، رقاب) النساء.
· يقتل المحكوم عليهم بالإعدام في كثير من البلدان بقطع (جياد، أعناق، رقاب) هم.
3- الترادف التام:
يتوقف وجود الترادف التام على تحقق شرطين:
1- قابلية الاستبدال في جميع السياقات.
2- التطابق في كلا المضمونين الإدراكي والعاطفي.
ونظرا إلى صعوبة تحقق الشرطين، فإن "الترادف التام نادر الوجود فهو من الترف الذي يصعب على اللغة أن تجود به".[7]
وقد حاول جون لاينز التفريق بين الترادف الكامل complete synonymy والترادف التام total synonymy بتخصيص الأول منهما لما انطبق عليه الشرط الثاني من الشرطين السابقين، وإفراد الثاني لما تحقق فيه الشرط الأول.[8] وقد أضاف في دراسة أخرى مصطلح الترادف المطلق وهو ما تحقق فيه الشرطان، بحيث يصير الترادف المطلق هو الترادف الكامل التام، ورأى أن هذا النوع من الترادف الذي يعني اتفاق اللفظين في المعنى الوصفي والتعبيري والاجتماعي، مع اتحاد التوزيع السياقي بينها غير موجود تقريبا.[9]
[1] المزهر: 1: 402.
[2] التعريفات، 31.
[3] إرشاد الفحول، ص18.
[4] العسكري، الفروق في اللغة، ص 13.
[5] المزهر: 1: 385.
[6] شرح الجلال شمس الدين المحلي على متن جمع الجوامع بحاشية البناني، 1:294.
[7]
[8]
[9]
الاثنين، 2 نوفمبر 2009
الأضداد
يقصد بالأضداد ألفاظ المشترك اللفظي التي تدل على معنيين متضادين. وبذلك يكون مبحث الأضداد فرعا عن مبحث المشترك اللفظي. ومن أمثلته إطلاق الجون على اللونين الأبيض والأسود.
ومما يلحظ في دراسة القدماء للأضداد:
1- أنه يكفي في عد الكلمة من الأضداد دلالتها على معنيين متضادين سواء اتفقت اشتقاقاتها أم اختلفت؛ ولذا عد كل من الأصمعي، وابن السكيت، والسجستاني، والصغاني كلمة ‘قانع’ (في دلالتها على السائل، وعلى الراضي بما قسم له) من الأضداد على الرغم من اختلاف متصرفاتها؛ فالقانع بمعنى الراضي مشتقة من قنِع يقنَع على وزن شرب يشرب، ومصدرها قناعة وقَنَعا، وقنعانا، أما القانع التي تعني السائل فهي من قنَع يقنَع كصنع يصنع، ومصدرها لا يأتي إلا على وزن فُعول. وقد كان لأبي الطيب اللغوي رأي آخر حيث أخرج أمثال هذه الكلمة من الأضداد، وكأنه عدها كلمتين مختلفتين، وليس كلمة واحدة، وقد صرح بأن شرط الأضداد "أن تكون الكلمة الواحدة تنبئ عن معنيين متضادين، من غير تغيير يدخل عليها، ولا اختلاف في تصرفها".
2- أن قسما من اللغويين لم يراع في دراسة ظاهرة الأضداد كونها مبحثا من مباحث الدلالة المعجمية، فأدخل في الأضداد ما نشأ عن اتفاق الصيغة الصرفية، كما فعل أبو حاتم في ما هو على صيغة مفتعِل ومفتَعل من المعتل العين الواوي واليائي، ومن المضاعف، وذلك نحو المختار، والمزدان، والمعتاض، والمقتال، والمعتد والمنقاد، وقد أخرج أبو الطيب هذا النوع من الأضداد، ولكنه أدخل فيها نحو الحالق (لمن يحلق شعر غيره، ولمن حلق له)، ولعله محق في ذلك لأن المختار ونحوه من قبيل المشترك القواعدي، أي أن الاشتراك فيه ناشئ عن اتفاق في الصيغة الصرفية، وليس عن اتفاق في المعنى المعجمي، أما الحالق ونحوه فهو من المشترك المعجمي (أي اللفظي) لأن دلالته على المعنيين دلالة وضعية سماعية ترتبط بالمعنى المعجمي، ولا تعود لأسباب صوتية صرفية.
3- أن بعضهم أدخل في الأضداد ألفاظ تدل على معنى مشترك بين الضدين وليس على معنيين متضادين، كما في القرء في إطلاقه على الطهر والحيض، وهو في الحقيقة يدل على الوقت المشترك بينهما.
4، 2، 1- أسباب وقوع الأضداد:
يمكن تلخيص أسباب وقوع الأضداد في الآتي:
1- تداخل اللهجات: وقد عوّل لغويو العربية كثيرا على هذا العامل حتى نفى بعضهم –كما يذكر السيوطي- وقوعه في اللهجة الواحدة،[1] وقد خالف أبو بكر بن دريد في ذلك، وذهب إلى أنه لا يعد من الأضداد إلا ما كان في اللهجة الواحدة منكرا أن تكون كلمة ‘الشَّعْب’ في إطلاقها على الاجتماع والافتراق من الأضداد لأنها تنتمي إلى لهجتين مختلفتين.[2]
2- التفاؤل: ومن ذلك ما ذكره ثعلب حيث قال: "من الأضداد مفازة مفعلة من فوز الرجل إذا مات، ومفازة من الفوز على جنس التفاؤل السليم".[3]
3- التطير: يقول ابن منظور صاحب لسان العرب: " وإنما سمي اللديغ سليما لأنهم تطيروا من اللديغ، فقلبوا المعنى، كما قالوا للحبشي أبو البيضاء، وكما قالوا للفلاة مفازة، تفاءلوا بالفوز وهي مهلكة".[4] ومن الواضح أن هذا السب وما قبله متماثلان في واقع الأمر، والاختلاف إنما هو في وجهة النظر المراعاة. فقد راعى ثعلب الإقبال على استخدام مفازة بدلا من مهلكة على سبيل التفاؤل، في حين اهتم ابن منظور بالانصراف عن استخدام مهلكة على سبيل التطير، والنتيجة واحدة كما هو بيّن.
4- التهكم: ومنه إطلاق ‘المُغلَّب على المغلوب مرارا، وهو في الأصل للمحكوم له بالغلبة.[5]
5- التأدب: ومنه إطلاق البصير على الأعمى.[6]
ومن الواضح أن المعاني الأصلية لكلمات الأضداد ناشئة عن الوضع، وأن المعاني الطارئة ناشئة عن الاستعمال وضروراته الاجتماعية كالتفاؤل والتأدب والتهكم.